الحسد “ده مذكور في القرآن”!

jealousy photo
Photo by Quasic

أربع مرات في الحقيقة! تجده في البقرة والنساء والفتح والفلق:

– وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّـهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿البقرة: ١٠٩﴾

– أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ﴿النساء: ٥٤﴾

– سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّـهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللَّـهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿الفتح: ١٥﴾

– وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿الفلق: ٥﴾

 فالحسد في القرآن نراه من أهل الكتاب -اليهود والنصارى- عندما تبين لهم أن ديننا هو الحق، أو نراه من اليهود فقط -في سورة النساء- يحسدون النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه على ما آتاهم الله من النبوة والإيمان والتمكين في الأرض، وربما استخدمه من خُلِّفوا في غزوة خيبر ليتهموا به المؤمنين الذين خرجوا للحرب أنهم يحسدونهم ﻷنهم يريدون أن يخرجوا معهم للحرب (فقط ليأخذوا من الغنائم مثلهم) وتلك الغنائم اختص الله بها المؤمنين الذين شاركوا في صلح الحديبية وحدهم دون غيرهم، فاتهموا المؤمنين بأن منعهم من اصطحابهم لهم ليس تصديقًا لأمر الله إنما حسدًا لهم أن ينالوا من الغنائم معهم، وأخيرًا نستعيذ بالله من شر الحاسد إذا عمل ما يدفعه إليه حسده في سورة الفلق.

 هذا في القرآن! وشتان بين ما قرأته في القرآن وبين ما أراه من الناس في حياتهم اليوميه عن الحسد، فهو عندهم شماعه للفشل، وملجأ لهم يهرعون إليه هربًا من مواجهة أنفسم بما فشلوا أن يحققوه! أو ربما كان بابًا من أبواب الشيطان ليوقع العداوة بين الناس (فلان ده عينه وحشه!) فهو المتهم اﻷول إذا حدث التالي:

–  خسرت في تجارتك (أكيد محسود، ولكن مستبعد أن تكون أخطأت أثناء عمل دراسة الجدوى لمشروعك؟)

– تشاجرت مع مديرك في العمل (أكيد محسود، ولكن مستبعد أن تكون صاحب خلق سيء وأخطأت مع مديرك؟)

– تسير في الشارع فصدمتك سيارة (أكيد محسود، ولكن مستبعد أن يكون ابتلاء من الله  لحكمه لا يعملها إلا هو؟)

– أصابك انقباض أثناء قراءتك هذا الكلام (أكيد محسود، ولكن مسبتعد أن يكون أسلوب كتابتي سيء ليسبب لك هذا الضيق؟)

وأمثلة أخرى كثيره يصعب حصرها، ولكن دائمًا هناك ملحوظتين أراهم في كل هذه الإدعاءات، اﻷولى هو تأكد الناس 100% أن سبب ما حدث لهم هو الحسد، صراحةً هذه مشكله كبيرة، لا أعرف كيف يصل أحد إلى هذه الدرجه من الثقة! استطيع أن أعدد فوق ال5 أسباب لكل من الأمثلة التى ذكرتها سابقًا -دون الحسد- وتستطبع أنت أيضًا ولكن لم تفعل ذلك؟ أعني لما تتهم نفسك بـ:

– التقصير في دراسة مشروع ما.

– عدم التوفيق في تحصيل بعض المواد الدراسية لسوء إدارتك للوقت.

– الكسل على العمل لحل مشاكلك اليومية مع زوجتك.

– وأخيرًا، لم تتهم نفسك بانشغالك عن الطاعات والأذكار.

إذا كان عندك هذه الشماعة السهلة… الحسد!

الملحوظة الثانية هي إذا فرضنا جدلًا أن الحسد كان فعلًا هو السبب وراء حريق مصنعك (ليس إهمال موظفينك، أو سوء اختيارك لهم، أو فشلك في إدارة المصنع أصلًا!) ماذا كان رد فعلك؟ هل اهتممت بوردك اليومي من القرآن والأذكار؟ هل ترقي أطفالك كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الحسن والحسين؟ هل أخذت بالأسباب لعدم تكرار حدوث هذا اﻷمر مرة أخرى؟

أما إذا تيقنت -100%- أن فلانًا قد حسدك، فهلا فعلت كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع سهل بن حنيف؟ سيكون ذلك أوقع عندي من أن ينال لسانك من هذا الشخص وتمشي أنت بالنميمة بين الناس (خصوصًا إذا كنت غير متأكد!):

أخيرًا لربما اخترت أيها المحسود أن تنتقم يومًا ما 😀 وتحسد الناس أنت أيضًا ولكن إذا فعلت فاجعلها في واحدة من هاتين:

عن أبي هريره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
“لا حسدَ إلا في اثنتَينِ : رجلٌ علَّمه اللهُ القرآنَ فهو يَتلوه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ ، فسمِعه جارٌ له فقال : ليتَني أوتيتُ مِثلَ ما أوتيَ فلانٌ ، فعمِلتُ مِثلَ ما يَعمَلُ ، ورجلٌ آتاه اللهُ مالًا فهو يُهلِكُه في الحقِّ ، فقال رجلٌ : ليتَني أوتيتُ مِثلَ ما أوتيَ فلانٌ ، فعمِلتَ مِثلَ ما يَعمَلُ”

Photo by Quasic

الحسد “ده مذكور في القرآن”!