الكسل؟
صدقني أنت لا تعرف شيئًا عن الكسل إذا كنت لا تعرفني من قبل.
إذا كان هناك طريق طويل وآخر قصير للوصول لنفس النتيحة فلن أسلك أيًا منهما، بل ستجدني أبتكر طريقًا أقصر لأسلكه!
هذا الذي قرأت باﻷعلى هو “أنا” عندما كنت صغيرًا، أما الآن؟ فهناك فرق شاسع! فقد زاد الموضوع وتفاقم 🙂 ولما لا وقد رزقني الله بعمل من البيت ثم الزواج وغيره من الأمور التي جعلت من البيت مكان مثالي لأمثالي، فلا مواصلات ولا تعب ونزول كل يوم ولا استيقاظ باكرًا ولا شيئ، أكاد أجزم أن نفسي الكسولة لو استطاعت أن تخرج تقبلني لفعلت! فهذا “ولا في الأحلام” كما يقولون!
فإذا كانت هذه أحوال شخص ما الدنيوية، فهل خمنت الآن ماذا يكون دعاؤه في كل صلاة؟ بالظبط! هو يريد أقصر طريق للجنة، ويا حبذا لو كان هذا الطريق بلا تعب ولا وصب، بل بلا حساب أصلًا! فكان هذا الدعاء وقصته المشهورة:
عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ومعهُ الرُّهَيْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ، والنبيَّ ليسَ معهُ أحَدٌ، إذْ رُفِعَ لي سَوادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ أُمَّتِي، فقِيلَ لِي: هذا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وقَوْمُهُ، ولَكِنِ انْظُرْ إلى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فإذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقِيلَ لِي: انْظُرْ إلى الأُفُقِ الآخَرِ، فإذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقِيلَ لِي: هذِه أُمَّتُكَ ومعهُمْ سَبْعُونَ ألْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ. ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخاضَ النَّاسُ في أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ، فقالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وقالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإسْلامِ ولَمْ يُشْرِكُوا باللَّهِ، وذَكَرُوا أشْياءَ فَخَرَجَ عليهم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما الذي تَخُوضُونَ فِيهِ؟ فأخْبَرُوهُ، فقالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ، ولا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، فَقامَ عُكّاشَةُ بنُ مِحْصَنٍ، فقالَ: ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، فقالَ: أنْتَ منهمْ؟ ثُمَّ قامَ رَجُلٌ آخَرُ، فقالَ: ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، فقالَ: سَبَقَكَ بها عُكّاشَةُ.
https://dorar.net/hadith/sharh/23645
جميل! فالموضوع جد بسيط لمثلي! فقط أكثر من هذا الدعاء السحري (اللهم ارزقنا الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب) أو (اللهم اجعلنا من السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب) مع الاهتمام بإتباع الوصف الذي جاء في آخر الحديث وانتهى الأمر! بل الأعجب من ذلك أن قام أحدهم فقال ادعو الله أن أكون منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت منهم!
سرت على ذلك دهرًا، إلى أن استوقفتني عدة مواقف:
– المسلم في الدنيا كالمسافر، هو لا يهتم بسفره على قدر اهتمامه بوطنه الذي يذهب إليه، والذي من المفترض أن يكون “الجنة”!
– إذا فطريقة تفكير أمثالي الكسالى في تصريف أمورهم الدنيوية لا ينبغي أن تطغى على خطة الوصول للجنة! ففكر في الدنيا كما تشاء وأوجد لنفسك أقصر الطرق لكسب المال، وأبسط الطرق لتعيش هنيئًا سعيدًا ولكن ما هكذا يخطط الناجحون للأمور العظيمة!
– طريق الوصول واضح وصريح في وجهة نظري:
إيمان يصدقه عمل “بإخلاص وفيه اتباع للقرآن والسنة” يعقبهم الدعاء بالقبول.
لا مكان هنا لأصحاب الدعة والراحة فالأمر عظيم!
– فأيقنت أني كنت مخطئًا حين تركت مجلس القرآن مطمئنًا لأنني أقول “الدعاء”!
– وكنت مخطئًا حين تركت السنن وأكتفيت بالفروض مطمئنًا لأنني أقول “الدعاء”!
– أو أتأخر على الجماعات في المسجد، ولم لا؟ فأنا أقول “الدعاء”!
بالله، أي دعاء هذا؟!!
لن ندخل الجنة إلا برحمة الله! هذا معروف، بل مهما عملنا من عمل صالح إذا وزن كل هذا على الميزان ووضعت في الكفة الأخرى نعم الله علينا، لرجحت كافة النعم وطاشت كل أعمالنا، ولكن علينا بالإيمان والعمل لنكون ممن يستحقون رحمة الله!
ولعل “العمل” من أثقل الأشياء على أمثالي الكسالى لذا وجب الإستعانة بالله، ومن هنا جاء التحول لدعاء جديد! وصانا به نبينا بعد كل صلاة!
“اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك “!
ولعل الصورة الأكمل لهذا الموضوع في ذهني الآن هيا:
“اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، فنعمل عملًا صالحًا يقربنا إليك، فترضى عنا وتدخلنا في رحمتك، ونكون من الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب”!