“لا أحكم على الناس بظاهرهم” ~أنا في “معظم” الأحيان!
منذ سبع سنوات كنت في فندق في القاهرة لحضور مؤتمر ما هناك، وخلال أيام المؤتمر أرتاعني هذا المنظر العجيب بالنسبة لي في ذلك الوقت -ربما يكون قد صار عاديًا الآن- “رجل” من الحاضرين للمؤتمر يرتدي حذاء لونه أحمر! فقط هكذا، حذاء خالي تمامًا من أي زينة أو زخرفة أو رباط، هو فقط لونه أحمر، وعقلي للأسف لا يقبل بعض ألوان للرجال ولا يقبل بعض آخر للنساء، هو فقط لا يجد ذلك مريحًا للعين بطريقة ما لا أعرف سببها. ولكن ليس هذا هو المهم، فأنا أعرف تمامًا أنه كما يقولون “العين قد تشتهي ما لا يشتهيه العقل!” -لا أحد يقول ذلك فللتو قمت بتأليف هذه العبارة- فالأمر فيه متسع لاختلاف الأذواق بين الناس، ولكن حدثني قلبي وقتها أنه يستحيل أن يكون هذا الرجل على صلاح من دينه أو حتى يكون مهتم لأساسيات أمور الدين وعلى رأسها الصلاة على سبيل المثال! فهذا يرتدي حذاء أحمر!
انتهت آخر فقرات المؤتمر في هذا اليوم، وبعد انتهاء العديد من النقاشات القصيرة مع بعض الأصدقاء، هرعت إلى المسجد لصلاة العشاء (متأخرًا كعادتي السيئة) وما إن قربت من المسجد حتى أيقنت أنني بالكاد سألحق بهم قبل الإقامة بدقيقة مثلا! وهنا أثناء دخولي المسجد وجدت الحذاء!
حذاء أحمر! خالي تمامًا من أي زينة أو زخرفة أو رباط، هو فقط لونه أحمر! على عتبة المسجد:
- فقد سبقني “الرجل” إلى المسجد.
- ورأيت “الرجل” يصلي السنة ثم جلس ينتظر الإقامة.
ثم نظرت إلى قلبي، فوجدته مريض!
تخرجت من الكلية في عام 2013، ولكن ظللت متواجد على جروبات الفيسبوك الخاصة بالكلية، فضلت فقط على ألا أهتم بالتنبيهات التي تأتي منها ولكن لا مانع من أن ألقي نظرة كل فترة أو أخرى.
فإذا بيوم من الأيام أجد الفيسبوك عندي عبارة عن بوست واحد يتكرر ويعاد نشره من جميع أصدقاء الكلية، وكالعاده شدني في البوست صورة! وقد كانت لـ “رجل” بضفيرة!
وأيضًا لسبب ما لم تألف عيني هذا المنظر ووجدته غريب ولم أهتم بقراءة تفاصيل البوست، إلى أن زاد معدل المشاركة من أصدقائي، فغلبني فضولي -وهو قوي- على أن أقرأ البوست على الأقل ﻷعرف من هو صاحب الضفيرة!
فإذا به شاب يصغرنا من نفس الكلية، توفاه الله في حادث أليم وقد أثنى عليه الجميع بلا إستثناء، فهو الخلوق، المهتم بدراسته إلى حد كبير، ومهتم بتبسيط العلم وتوصيلها إلى أصدقائه، ومبادر دائمًا بالخير ومساعدة الآخرين.
رحمه الله وأدخله فسيح جناته، فبعد أن قرأت عنه المزيد والمزيد رأيته “رجلًا” وقد كبر في نظري.
ثم نظرت إلى قلبي، فوجدته مريض!
الْمَرْءُ إنْ كَانَ عَاقِلاً وَرِعاً أشغلهُ عن عيوبِ غيرهِ ورعهْ
كما العليلُ السقيمُ اشغلهُ عن وجعِ الناسِ كلِّهم وجعِْهْ
لا أعلم أي فراغ كان عندي وقتها ﻷصدر أحكامًا على هذا وذاك! بل وأسير أصنف الناس، هذا على هواي وهذا يخالفه، هذا لا أرتاح إليه وهذا على دربي! وأحمد الله أن أراني فساد هذا الحكم سريعًا. ثم هل خلوت من العيوب حتى أنشغل بعيوب الناس؟ وهل هذه أصلًا عيوب أم أن تصوري مضلل من البداية؟!
أيا قلبي لا تتسرع! ولا تحكم على الأمور بظاهرها، فلا تدري إلى أين يسير صاحب الحذاء الأحمر ولا ماذا يفعل صاحب الضفيرة!
كلام جميل جدا وله اكثر من معنى
ولكنى ألخصها فى شىء واحد
النفس اللوامه
اللهم اجعلنى منها دائما
ربما يرزقنا نفسًا مطمئنة….
قصه معبره وحكمه رائعه في النهاية 🤞
شكرًا يا محمد….